منتدى الأديبة ندا سليمان
ســـأكون كما أريد بأذن الله
اسمي: ندا سليمان
مواليد: السويس 1993
مكان اقامتي الان: الأسماعيلية
هوايتي: الكتابة و التصوير
حلمي: ان اكون كاتبة و أديبة
ادرس: كلية التجارة [ قسم انجليزي ] / S.C.U
صفحاتي على موقع الفيسبوك:-
للروايات بعنوان (حكايات على مر الزمان لـ ندا سليمان)
للخواطر بعنوان (ღخــواطر نــدا سليمان ღ)
رسائل بعنوان (No couple before marriage)
معتقداتي الدينية مسلمة وافتخر الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة ^__^
اتمنى لكم اقامة سعيده معنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى الأديبة ندا سليمان
ســـأكون كما أريد بأذن الله
اسمي: ندا سليمان
مواليد: السويس 1993
مكان اقامتي الان: الأسماعيلية
هوايتي: الكتابة و التصوير
حلمي: ان اكون كاتبة و أديبة
ادرس: كلية التجارة [ قسم انجليزي ] / S.C.U
صفحاتي على موقع الفيسبوك:-
للروايات بعنوان (حكايات على مر الزمان لـ ندا سليمان)
للخواطر بعنوان (ღخــواطر نــدا سليمان ღ)
رسائل بعنوان (No couple before marriage)
معتقداتي الدينية مسلمة وافتخر الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة ^__^
اتمنى لكم اقامة سعيده معنا
منتدى الأديبة ندا سليمان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يا توتة الدار

اذهب الى الأسفل

يا توتة الدار  Empty يا توتة الدار

مُساهمة من طرف ندا سليمان الأحد أغسطس 23, 2015 1:15 pm

(( يا توتة الدار ))

كانت الشمس تُعلن انسحابها والسماء قد تلفعت بثوب الشفق الأحمر وهو يركب الحافلة ، فتح حقيبته وتحقق من وجود أوراقه وتذكرته قبل أن يجلس بمقعده ، ظل يهز قدميه في توترٍ بالغٍ وهو ينظر إلى المقاعد التي تكتظ بالركاب شيئاً فشيئا وقلبه يناشدهم أن يُسرعوا الخطى فأحدهم يتحرّق شوقاً للعودة .
ها قد امتلأت ورقص قلبه فرحاً حينما رأي الحافلة تمخر عُباب الطريق كسفينة سبحت به في بحور الذكريات والالتياع الذي أقضى مضجعه زهاء خمسة سنوات منذ ودّع موطنه .
ران الصمت على المكان فأسند رأسه للنافذة المجاورة وعاد على بساط الذكريات إلى الماضي الحاضر كل لحظة بداخله ، رأى والده وهو يربت على كتفيه ويُملي عليه وصاياه ، يخبره كم سيتحمل فراقه وبعده عنهم فقط ليري شهادته بين يديه ، فقط ليُحقق ما لم يستطع هو تحقيقه لنفسه ، يومها كان مُستاءً لا يريد الذهاب ، أبى أن يتركهم وسط هذا القصف وحدهم ، ولكنّه في النهاية أذعن أمام إصرار والده ، مازال يتذكر دموع أمه وحضنها الدافئ لحظة الوداع ، يومها أمسكت بذراعه وجذبته نحو حضنها وهي تنظر لأبيه ، ترجوه أن يترك وحيدها بين أحضانها :
أنا مالي ولد غيره يا أبو أسامه ، الحرب هسّه بدهاش شهادات ، بدها أسد ، بدها رجّال عندو عزيمه يحمل سلاحه ويدافع عن دينه وعِرضه وأرضه ، عشان الله لا تخليه يروح ، طيب وإذا صار لنا شي وين بتروح إخته ريما ؟!
نظر لزوجته نظرة أسكتتها، كعادة أبويه يتحادثان بالنظرات، تذكر أخته الصغيرة ريما، إنّها قطعة من قلبه، منذ فقدت بصرها وهو لها عينين، كان مشغولاً بها في غربته، يتساءل كيف كانت تعيش خمس سنوات من دونه ؟! هو أكثر من بالبيت قرباً لها ، هو عيناها التي ترى بهما في هذه الحياة ، وحقيقة كانت عين كاذبة ، كان يُصور لها القصف والأطلال بساتين خضراء وهي رغم علمها بكذبه إلاّ أنها أرادت أيضاً أن تكذب على نفسها وتعمي عين قلبها لترى فقط ما أراد أن يُريها ، ابتسم حين تذكر قبلتها الأخيرة على خديه ، وتذكر تلك الميدالية التي صنعتها له من الرصاص وأوصته أن يحتفظ بها ، ابتسم وهو يدخل يده في جيبه ويخرجها ، قبل أن تفقد بصرها كانت لديها عادة غريبة ، كانت تجمع الرصاصات وتحتفظ بها ، تصنع منها الميداليات والعقود وحينما فقدت نعمة البصر كان هو يجمعهم لها ، احتضن الميدالية فوكف الدمع في عينيه ، تأملها ثم أعادها لجيبه ، تنهد وبدأ جفنه يُسدل الستار على عينيه من شدة التعب فأذعن لسلطان النوم وأغمض عينيه وهو يسمع في أذنه صوت أمه تغني :
يا توتة الدار .. صبرك عالزمان إن جار
لا بد ما نعود .. مهما طوّل المشوار
يا توتة الدار .. حلفتك برب الكون
لا بد ما نعود .. مهما طوّل المشوار
وهدّي يا بحر هدّي .. طوّلنا في غيبتنا
ودّي سلامي ودّي .. للأرض اللي ربتنا
و سلملي عالزيتونة .. ع أهلي اللي ربوني
وبعدها أمي الحنونة .. بتشمشم بمخدتنا
وسلم سلم ع بلادي .. تربة بيي وجدادي
و بعدو العصفور الشادي .. بيغرد لعودتنا
ظل صوت أمه الحاني بأغنيتها المفضلة يتردد في أذنيه حتى غاب عن عالم الوعي واستسلم جسده للنوم.

***********************************
انقشع الليل وبدأت الشمس تنشر جيوش أشعتها لتحتل كل بقعة من بقاع الأرض ، بعض من تلك الجيوش انعكست على زجاج نافذته فرفعت الغطاء عن عينيه ، ابتسم وهو ينظر حوله ومازال قلبه يتراقص فرحاً مع كل خطوة تخطوها الحافلة نحو روحه التي تركها حيث أهله ودياره في أرض العزة .
ظل ينظر من النافذة بين الفينة والأخرى متمنياً لو أن له جناحين يطير بهما لحضن أمه ، كم اشتاق لخبزها وأغنياتها ،اشتاق لأن يريح رأسه على فخذها فتعبث بخصلات شعره وتحكي له حكايات الأبطال والشهداء ، إشتاق لأن يسمع حكاياتها عن القدس ، عن صلاح الدين ، اشتاق لحكاياتها عن فلسطين .
قطع حبل أفكاره وصول الحافلة عند أول نقطة تفتيش ، أخرج أوراقه الثبوتية وتصريح الدخول ، نظر للتصريح واعتلت شفتيه ابتسامة سخرية ، صار أهل الأرض يحتاجون تصريحاً لدخولها !!
نزل كل من بالحافلة وتعرضوا لتفتيش مهين نكأ جراح قلبه الدامي ، كظم غيظه وعاد للحافلة مع العائدين وقلبه يصطلي بنار القهر والألم والغيرة على أرضه .
في غربته كان جعِد الأنامل على نفسه من كل سُبل الرفاهية ، يعيش بغرفة صغيرة يتحرّق فيها شوقاً لرؤية أهله أو حتى السماع عن أخبار وطنه ، كان يتحين الفرص ليستعير جريدة من أحدهم أو يتابع الأخبار عند أحد أصدقائه ، رأي ما يشيب له الرأس وهاهو الآن يرى الحقيقة بأم عينيه ، والحقيقة أن أرض الواقع أشد مرارة مما تصوره العدسات ، الحقيقة أفظع مما كان يتصور ، عاد ينظر من النافذة بشرودٍ يتابع أطلالاً كانت يوماً ما وطناً .
نزل من الحافلة ، أخرج شهادته من حقيبة كتفه وحملها بين يديه ومضى بفرحٍ وحماس ، مشى من زقاقٍ إلى زقاق إنه الآن بالمنطقة التي ترعرع فيها، يرى هناك طلل كان يوماً ما دكان " العم نزار " ، مازال طعم حلوى دكانه في فمه ، هناك بيت الجدة أنهار وهناك كان بيت الخالة زهره أم عمر صديق طفولته تُرى أين هم الآن ؟؟؟!!
ما رآه في منطقته الآن جعل الرعب يحتل كل خلجة بقلبه ، ها هو يدخل حارتهم ، ظل يتأمل بيوت جيرانهم أقصد التي كانت يوماً ما بيوتاً ، كانت قدماه تعرف طريقها إلى بيته ، تحفظ الشوارع عن ظهر قلب ، وقف أمام بيته يتأمله فسرت في داخله قشعريرة جعلت جسده ينتفض ، شعر ويكأن الأحزان تكالبت عليه وتربصت به ريب المنون ، أبت أن تترك الأمل يتسلل إلى قلبه ، نظر إلى شجرة التوت ، تلك التي كان يجلس تحتها بين أبويه ، كان هناك رابط قوي بينه وبين تلك الشجرة والآن ها هي مهيضة الأغصان كما هو حاله الآن طائر مهيض الجناح ، اقترب من البيت وهو يُقدم قدم ويُؤخر أخرى ، وبرفقٍ دفع الباب الخشبي القديم فأصدر صريراً قطع هذا الصمت الذي يحف المكان ، كان دائماً كلما دخل البيت يشم رائحة طعام أمه ويسمعها تترنم بأغنيات التراث الفلسطيني ، لكن ما له الآن لا يشم سوى رائحة دخان مُزكم للأنوف ولا تسمع أذنه سوى صوت الصمت المميت !
أراد أن يتعطر بأنفاس أمه وأخته ويُكحل عينيه برؤيتهما وحينما فتح عينيه امتلأت رماداً أعماها ، اقترب من باب البيت ودقات قلبه كقرع طبول تصم الآذان ، لم يعد البيت بيتاً ، ظل يتأمله والدموع تلفح وجهه ، شهق بفزعٍ حينما لمح حذاء ريما القديم مدفون تحت التراب ، هرع نحوه وأحتضنه بين يديه ، نظر له ملياً وكأن عينيه تسأله أين صاحبتك ؟! نظر إلى شجرة التوت يسألها أين أهل الدار ؟!
اقترب من الباب ، رفع يديه المرتعشتين ودفعه ، دخل وكاد يصرخ من هول المفاجئة ، وجدها هناك تكور نفسها في أحد الأركان ، هذرم نحوها ، ثم توقف لا يدري أهي حقيقة أم أنه بدأ بمرحلة الهذيان ؟! وقفت وتحسست طريقها حتى وصلت إليه وارتمت بين أحضانه ، إنها حقيقة إذن !
بدأ الأمل يتسرب إلى شرايينه من جديد ، ها هو يضم قطعة من قلبه ، ضمته بقوة وهي تردد : كنت عرفانه إنك راح ترجع خيّو
ضحك وهو يسألها : وهسّه كيف عرفتيني ؟!
_ دخيلك كل مره بتسأل نفس السؤال ! قولتلّك قبل الله حرمني من نعمة البصر بس ما حرم قلبي من البصيرة ، بعرفك متل ما بعرف حالي يا أسامه
ابتسم ، قبّل رأسها وسأل : وين أمي وأبوي ؟
حينما سمعت سؤاله ابتلعت ريقها بمرارة ، صمتت والتحمت به ، كادت تخترق جسده لتختبئ فيه ، فارتجف قلبه وكأن دقات قلبها التي يشعر بها الآن قد أخبرته بالجواب الذي كان يخشاه ، أعاد عليها السؤال بخوف وتردد فأمسكت بيده ، فتحت كفه ووضعتها به ثم ضمت قبضته عليها وهي تبكي بحرقه ، فتح قبضته فوجد رصاصة ملطخة بدماء عطرة يألفها ، أتُراك عُدّتي لعادتك القديمة في غيابه يا ريما ؟! أحمرت حدقتاه وهو ينظر للرصاصة ويتخيل المشهد الذي حاكه الصمت أمام عينيه ، ضمها إلى صدره أكثر فأفلتت تلك الشهادة التي كان يحملها من يده ، أعاد النظر إلى الرصاصة وجملة أمه ليلة الوداع تتردد في أذنه ((الحرب هسّه بدهاش شهادات ، بدها أسد ، بدها رجّال عندو عزيمه يحمل سلاحه ويدافع عن دينه وعِرضه وأرضه ))
قبض بقوةٍ على الرصاصة وهو يفكر في شهادة أخرى ربما قد حان وقتها الآن....

تمت

لـ #ندا_سليمان

(( لو معنى كلمة وقف قدّام حد يقولي في التعليقات ‏‎smile‎‏ رمز تعبيري ))
ندا سليمان
ندا سليمان
Admin

عدد المساهمات : 242
تاريخ التسجيل : 23/11/2014
العمر : 30

https://nadasoliman.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى